حجر
ارى نفسي جالسة القرفصاء امام كومة من الاحجار الصغيرة في خرابة قريبة من منزل والدي واثار التراب والغبار وشريط من الدم الناشف الذي سال من ركبتي نتيجة غوصي بين اكوام الاحجار باحثة عن قطع صغيرة ملونة من مخلفات فناجين القهوة المكسورة او بعض الصحون الخزفية . كنت اعشق الفسيفساء لا اعرف لماذا ,
اذكر توبيخ والدتي لي عند عودتي الى المنزل حاملة كومة من الاحجار مصرورة في ثوبي المتسخ , وركبتي المتخرشة والدماء قد جفت عليها , لم اكن اعلم اني جرحت ركبتي الا في الحمام عندما كانت امي تفرك قدمي وتنظفني , اشعر لسعة وحرقة من الصابون
ومع بكاء وبلل اخرج من الحمام ارتب الاحجار واترجى والدتي ان تشتري لي قليلا من الجبصين لاعمل لها صحون من الاحجار التي جمعتها
حجرا اخر
زقاقنا و مدرستي وشجر الياسمين الذي كنا نصنع منه عقد اونلعق العطر الذي عصرناه بين اصابعنا ,والابواب ,الدرجات الى كل البيوت المتلاصقة , كانت الشرفات متزاحمة كزحمة حكايا الحي والعشق التي شاهدتها في صباي ورسائل الغرام المتطايرة بين الجيران وحتى الشجار ورمي الاحذية بين الصبية , زغاريد الحي واحزانه , ذكريات دخول التلفزيون لاول مرة في الحي , كان طابع هذا الحي ملونا بلون سكانه فاذا بدانا من اول الزقاق كان بسكن خياطا درزيا , ثم عائلة كردية ,تسكن بعدهم ام ادهم الفلسطينية النازحة بعدهم يسكن ابو ايمن من الاردن ثم موفق الشامي مصلح البابور ثم ام رامز العلوية من جبلة ونحن جيرانها الشركس وبعدنا بسكن حسن السمان احد التجار الشوام بعدهم عيلة من حمص ولكن علوية ايضا بعدهم شركس وفي المقابل عائلة كردية ثم مدرستي الابتدائية واخيرا بيت خاوي لا اعرف سكانه لان مدخل بيتهم من الجانب الاخرو يطل على الحي الموازي لحينا الموزاييكي
احجار
حارات دمشق شوارعها مدرستي الثانوية عملي رفاقي ذكريات الحياة الصاخبة ذكريات النضال في البحث عن الشخصية ,الهوية .النضال في الاندماج والانسلاخ. نضال ان اجد نفسي انا الحجر الخاص بموزاييك دمشق
لم اكن من تاريخ الفسيفساء لهذا البلد , انا كنت مثل جرة خزفية غريبة الصنع احضرها احدهم الى هذا البلد وتحطمت عندما خرجت من متحفها , كان يجب ان لا انسى من اين اتيت حتى لا اختفي في هذه اللوحة , كنت اظن اني احدى ذرات الغبار التي طارت ولا تعرف كيف تستقر على الارض
كان نضالا عسيرا لي و انا ابنة الشركسي الذي بعثره التاريخ في كل مكان ,ما زلت احتفظ بلون من الوان الشتات في احجاري
وايضا احجار
تاريخ ذكرياتي و حياتي , لوحتي الخاصة بي. بدات تشكليل لوحة خاصة بي , انتهيت من النضالات في الاندماج وايقنت الوجود على ما انا عليه الان خليط عجيب ,انا الان استمتع بالنظر الى الفسيفساء في كل اللوحات. انا الان املك لوحتي لقد صنعتها وجمعتها حجرا حجرا , احاول الان ان ابحث عن شيء يحافظ على هذه اللوحة ويزيد من تماسلك تلك الحجارة ويبقيها , بالوانها الكثيرة ,انا الان انتقلت الى شارع اخر لايحوي فسيفساء انما حجارة كبيرة وغر يبة .وتبقى لوحتي هذه موجودة في اي مكان الى ان تردم يوما ما او ربما اكون ضمن مجموعة جمعها طفل يعشق الفسيفساء
كومة احجار
حجارتي الصغيرة في تلك الخرابة وزقاق طفولتي ومراهقتي
جيراني ,شوارع مشيت فيها , تلك النضالات اليومية من الاندماج والانسلاخ
هذه اللوحة وما يوجد في مخيلتي من ذكريات وتارخ ولوحات
محمولة في وجهي وفي جلدي وفي فكري
مازلت انتظر لاتعفر بتراب حنون
وربما اعود طفلة صغيرة غارقة تبحث بين احجار الخزف
هذه اللوحة وما يوجد في مخيلتي من ذكريات وتارخ ولوحات
محمولة في وجهي وفي جلدي وفي فكري
مازلت انتظر لاتعفر بتراب حنون
وربما اعود طفلة صغيرة غارقة تبحث بين احجار الخزف