söndag 12 juni 2016



أُخبرُ الطبيب أنني خائفة


خائفة من كلبٍ أسود شاهدتهُ البارحة في فيديو عابر عن شكل الكآبة. أخاف أن يجثم على روحي وأحبّهُ كما أحبّ قطّي. ولن أستطيع الاستغناء عنه أو أعرضه للتبنّي.
أُخبرُ طبيبي أن جسدي كلّه يوجعني. في الصباح وأنا أنهض من السرير وقبل أن تصل قدمايَ الأرض، أتذكّر أن الألم في انتظاري بدلَ النعل.
أُخبرُ الطبيب أنني لم أعد أحلم مثل السابق، وأنّ رأسي لم يعد متكوّراً بالأفكار وأجد صعوبة في النظر إليه الآن. ينظر إليّ ويبتسم، ليس ليبدّد خوفي بل ليؤكد أنّ لا مفرّ من الخوف.
لا يصف لي شيئاً لأنه لا يجد شيئاً. لا في دمي ولا رأسي ولا قلبي.
أُشير بيدي إلى ثقل عينيَّ وحجم الدمع فيهما. أُرشده إلى أنفاسي الثقيلة التي تتكسّر في صدري، كرقائق كراميل صلبة وهي تشقّ طريقها في حلق الحلاوة.
تمرّ سمّاعته على صدري وظهري من دون أن يسمع صوت جُرحكَ الذي لا يزال يلهث في دمي.
أغادره وأمشي. يسبقني خيالي بساقين وجَناح.
أصل بيتي ولا أصل مسكني.
أريد أن أرتاح وأن لا أُقلِقَ منام الكلب الأسود.
كيف لي أن أقتل عذابات الروح والجسد؟
كيف لي أن أُوقف نباح الكلب الأسود في صدري إنْ قام؟
أبكي وأُخبر طبيبي أن يقتل الألم في جسدي فيبتسم
أتردد ألف مرة أن أرسل لكَ رسالة التماس أخيرة؛
أن تعيدني إلى سيرتي الأولى
حين أخذتني منها بقبلة... ومضيت.مسكُ خيالي من يده، أحاول العبور به إلى ضفّة قلبكَ
يسبقني؛
ألتفتُ يميناً ويساراً
أخافُ عليه من السيارات المسرعة
وسرب الجراد حين يمر
أن يقتات على حقل أحلامه.
- أزرع أمنية فيكون عندي حقلٌ من الأحلام في الصباح
في اليوم التالي ينقضّ سرب الجراد عليه
وأعود لأزرعكَ من جديد
في خيالي -
خيالي،
الذي كبُرَ وترك يدي منذ زمن
وصار يعبر حقل الألغام
وحيداً. * *


أحياناً أتعمّد خلع نظاراتي الطبية وأنا في أمسّ الحاجة للرؤية الواضحة.
الحياة تبدو أجمل وهي مشوّشة الألوان أمامي ولا حدود بين الأشياء. كل شيء يتداخل. كل شيء ينصهر في العدم.
كل شيء ينعدم.
* * *


أريد أن أتبرع بأعضائي بعد موتي
لكنني سأشعر بالأسى على المستفيد
كم من الوجع سيتحمل بين جنباته؛
خفقان قلبي كلما تذكرتكَ في فنائي
مثلاً!
* * *


كيف تحرر جسدك من سجنٍ قبيح اسمه الحياة!؟
لا أعرف شيئاً عن الروح ولم ألمسها. أعرف أن قدميَّ تؤلمانني كلما انتعلتُ أحذيتي المفضّلة
وأتوجع أكثر عندما أدرك أنني لن أنتعلها بعد الآن
ما نفع روحٍ جميلة لا ترتدي أحذية أنيقة بكعب عال و"بوز" مضموم مثل قُبلة مُراهِقة؟
* * *
أكحُّ مثل عجوز؛
صرتُ أكحُّ مثل جدّي وهو في الثمانين
قرب علبة سجائره الملفوفة
وتبغه الشمالي المفروش
على سجادة الانتظار.
صرتُ أتعكّز على أملٍ
ألا أصحو على رمد الأحلام.
لا أدخّن لا أغنّي
لا أركض خلف قطيع النسيان
ولا أكفّ عن ذكر اسمكَ؛
كيف أدركَ اليباسُ حلقي
إذاً؟
* * *
عندما كانت ركبتي حيّة
لم يدن منها أحدٌ
ولم تُقبّلها الشفاه
وعندما أثقلتها مشاوير العمر
صارت رغباتُ قلبي
طابوري الوحيد
تنتظر
قبُلةً على جبين النهار
تتوسل الألم الأبدي
أن يحنو على وجعها
ويتركني أمشي من دون وخزة ذاكرة.


* * *


منذ زمن وأنا أضع علامات العودة إلى أماكن أمرّ بها
منذ زمن وأنا أسجّل أسماءَ من ألتقي بهم
منذ زمن وأنا أدوّن أحلامي كي لا أغفل عن مغالقها
منذ زمن وأنا أدقّ بدبّوس التذكر
مواقيت مروركَ في رأسي
حتى صار رأسي
مزراباً جارياً
للذكريات.
* * *
صنع اللهُ لعبتهُ ونسي كيف يركّبها
تركنا أشلاءً نبحث عما يكملنا من دون هدى
نحن لعبة الله المعطّلة
في خزانة الحياة.

منال الشيخ
14 تشرين الثاني 2015


Inga kommentarer:

Skicka en kommentar