حارتنا في ركن الدين في دمشق كانت عبارة عن لوحة موزاييك في اختلاف سكانها وعندي ذاكرة مازالت موجودة في راسي رغم تغير شكل الحارة الان ,اتذكر انه يوجد عامود الكهرباء كان مثقلا بالاسلاك الكهربائية , اذكر اين كان يضع الجيران اكياس الزبالة في الصباح , وحتى تلك المصطبة الصغيرة التي كنا نجلس عليها ونحن صغار . تبدا حارتنا ببيت عائلة كردية من عفرين وبالجهة المقابلة يسكن عجوز درزي كان لديه محل للخياطة وبعد ها ياتي بيت ابو محمود وهم عائلة فلسطينية كانت اصواتهم وقصصهم لاتدع الحارة بهدوء , كان احد اولادهم يهدد نفسه بالقتل اذا اقترب احد منه في حال الشجار مع احد ما واحيانا كثيرة نسهر على صوت مسجلة ابنهم الاكبر الذي كان يسكر وينطرب على صوت ام كلثوم وفي نهاية السهرة يرمي بالزجاجات من الاسطوح على بيت الجيران وتنتهي السهرة بالصراخ . توجد عائلة اردنية ثم بيت موفق الشامي مصلح البوابير, وبعدها بيتنا وبجوارنا عائلة ابو رامز وهم علوية من جبلة بجانبهم بيت ابو موفق الذي يملك نصف الحارة في المساحة لديهم حديقة جميلة وبحرة على طرز البيوت الشامية القديمة ,وبعدها عائلة حمصية بالمقابل عائلة كردية واخرى شامية تملك القسم الباقي من الحارة ,وفي وسط الحارة توجد مدرسة ابتدائية وهي تقع مقابل بيتنا بالضبط. لهذه المدرسة باب اسود كان يرعبني دائما وشجرة ياسمين تتدلى بلطف , حارتنا كقطعة موزاييك وكانت علاقتنا جيدة مع كل الجيران رغم علو الاصوات والصراخ ولكن الجميع طيبون بدون استثناء . الكل يمارس حياته الخاصة خلف باب بيته ولكن خارج الباب كان جميع افراد تلك الحارة يبدون كعائلة كبيرة.
الاحزان والافراح كانت تملئ تلك الحارة اذكر عندما استشهد احد الجيران في حرب تشرين وكيف طعن اخر بسكين وكيف مات اخر بحادث سير وعندما توفيت تلك الصبية في مرض الكلى واذكر كيف كان والدها يحملها بيديه الى الجامعة فلم تستطيع المشي من كثرة العمليات لانقاذها ولكن لم تفلح , وكيف كانت حالة الفلسطينيين في الحارة والذين لايتركون يوم جميس بدون احداث شغب ,ولكن بالنسبة لي افضل الاحداث السعيدة . من الاحداث السعيدة تخرج اولاد الجيران من الجامعة ومنها زواج الابناء والاحلى عندما كنا نحضر تلك الاعراس فكانت افضل الاوقات لانها كانت التقاء بعادات جديدة وعلى اختلاف افراد تلك الحارة كانت طبعا الافراح مختلفة من بيت الى اخر.
اول عرس حضرته عرس مصطفى او الاستاذ مصطفى ابن جارنا الشامي والذي كان استاذ في الرياضيات ,تزوج من فتاة شامية عائلتها ليست محافظة كعائلته , المهم العرس كان ليس بالمختلط لان عائلته جدا محافظة من الذين لا يمكن ان تراهم في وضح النهار , العائلة تضم بالاضافة الى الاب والام الاخوة والاخوات والكل يسكن ذلك البيت الكبير ذو الحديقة الرائعة توجد نساء كثيرة ولكن لم نكن نراهم بالنهار لانهم لايخرجون الكل ستات بيوت وحركتهم نادرة خاصة
تمت دعوة كل افراد الحارة واتى من كل عائلة شخصا او اثنين ,فذهبت مع اختي الاكبر مني الى العرس , ومع صوت الموسيقا والروائح الطيبة التي تنبعث من الحديقة دخلنا الى تلك الغرفة الكبيرة المخصصة للحفل الى جانب حشد من النساء الملتحيات باوشحة بيضاء تغطي كل شيء فيهم من الراس الى القدمين ولكن لاحظت ان الرؤوس كانت كبيرة نوعا ما ,لكن نظرات كانت تتفحصنا نحن حاسرات الراس البسيطات في الملبس والكل يستغرب وجودنا , ودخولنا للقاعة تصاحب مع السلامات والقبلات والتهنئات من القادمين والمستقبلين ورحبوا بنا بحرارة ودعونا الى مكان للجلوس . في تلك الحظات اصبت بالدهشة وبدوت كمن اصاب ببلاهة , اختي ساعدتني في ان اجمع نفسي وان اغلق فمي الذي انفتح دهشة ولم انتبه لذلك .جلست انظر لما حولي وحاولت ان اتعرف على الوجوه الملونة والمزينة لاول مرة , تعرفت على الوجوه من الاصوات التي كنا نسمعها احيانا من جيراننا النساء . خلعت الاغطية وتعرت النساء المشاهد كانت فاضحة وازياء لم اراها من قبل امامي بهذه الطريقة وتلك الاقمشة الرائعة من سوق النسوان في الحميدية اعرف اين كانت تاخذ طريقها اخيرا .
شاهدت مايبرق لدرجة الالم في عيوني والحلي والمجوهرات مايكفي لشراء حارة اخرى وسمعت من التبريكات مايكفي لاعراس كل اولاد الحارة والممتع كان باللهجة الشامية الاصيلة , بعد ان اخذ جميع الحاضرون اماكنهم والبهجة على الوجهة والسلامات والتعارف والعتاب على التقصير بالزيارات من البعض حضرت العروس ودخلت برفقة حشد من النساء ولكن لم يكونوا هؤلاء من النوع الملتحف بل المودرن ,ثيابهم اكثر جمالا ليست براقة كثيرا وليست بسيطة ولكن كانت راقية لنظري اكثر ولم يغالوا بالتزيين اما العروس لم استطع ان اميزها كثيرا في البداية لكثرة النساء حولها , وعندما هدات الحال وجلست النساء وانغام الموسيقا الشرقية تعلو بدا تقديم المشارب والضيافة والحلويات الشرقية وفجات خرجت العروس التي كانت تجلس على منصة والى جوارها كرسي لا يجلس عليه احد وبانتظار العريس ,خرجت من الصالة الى غرفة جانبية برفقة احدى النساء غابت قليلا ثم عادات وكانت تلبس ثوبا اخر مطرزا ملآلآ وكانت تمشي وتدور والنساء يمدحون طولها وجمالها وتدور دورتين وتعرض ثوبها ثم تخرج وغابت فترة ولاحظت ان رؤوس النساء ذات التسريحات العالية بدات تتقرب من بعضها وهمسات تدور ,ودخلت العروس مرة اخرى وصفق الحاضرين والثوب التالي ثوب يمثل الزي الرسمي لزيارة احد ما لم يكن براقا ولكن محتشما ومزينة بالقلائد المناسبة والاساورحتى الحذاء والحقيبة اليدوية , ودارات امام الحاضرات وعادت الى الغرفة وهكذا مرت امامي عارضة ازياء من النوع الخا ص تم عرض اكثر من عشرة فساتين سهرة رائعة التصاميم والوان جميلة جدا تطريزات والذي جعل الازياء جميلة كان رشاقة العروس وطولها, من بين الازياء تلك كانت هنالك بدلة للرقص الشرقي تكون من جهاز العروس وعندما لبستها رقصت لنا قليلاوخرجت والامر الذي جعل الصبايا يزدادون غيرة وبداو بالرقص واظهار براعتهم بينما العروس غائبة وعندما عادت دخلت الينا باخر التصاميم وهي فساتين النوم الشفافة والتي بدا جسدها عاريا تقريبا والنساء ذادت همساتهم وضحكاتهم وبدات بخلع الباس واظهرت ملابسهاالداخلية , اظن ان لون وجهي كان يعكس ما كنت البس والجيد ان لا احد راى تلوني . .
فجاة دوى صراخ والنساء بدات بحركة هيستيرية تبحث عن شيء ما للتغطي والتستر عندما دخل احد الاولاد الصبية يبلغ ان العريس حضروسادت فوضى بضع دقائق والتحت النساء باغطيتها وبدا الموقف مضحكا للغاية حتى اني لم استطع ان اتمالك نفس فانفجرت ضحكا حاولت اختي ان تتدارك الموضوع حاولت اسكاتي ولكن كان من الصعب ,. دخل العريس و جبينه يلمع كانه زين نفسه كالنساء ولكن كانت حبات العرق التي كان يمسحها بمنديله , بدا مرتبكا جدا احضروا له شيء يشربه وجلس الى الكرسي المخصص له وما زال يمسح عرقه بقطعة قماش بدت مشبعة بالماء . شاحب الوجه , جلس يحاول ان يجمع انفاسه والكل يتحدث بهدوء والموسقا خفيفة الصوت , بداء ينظر الى الحاضرين ويهز براسه لاوجه عرفها وهز راسه لنا وابتسم قليلا , بدا لونه يتغير شيئ ما , ارتاح قليلا , صدحت الموسيقا بنغمة خاصة ودخلت العروس بثوب العرس ووقف هو رفع عن وجها المنديل الابيض وقبلها على جبينها ,وجلست وارتاح قليلا بداء يتحدث مع العروس ونسي الحاضرين , عادت الموسيقا والرقص والاكل والشرب وللعجب خلعت النساء اغطيتها من جديد وانا لم اتمالك نفس ان اسال عن السبب في خلعهم الغطاء ولبسهم له عندما دخل فكان الجواب ان العريس لن يرى غير عروسه هذا اليوم لذلك لا خوف من خلع الغطاء , وهكذا استمر العرس ساعات وتخللها تبديل الخواتم وتقليد العروس بالحلي وتقديم الهدايا الثمينة ووتركنا جيراننا وافراحهم وخرجنا مباركين للعرسان واهلهم , وتمنينا بالرفاه والبنين ,
عندما عدت الى البيت كانت في جعبتي اثواب والوان وعرض ازياء ووجوه اشاهدها لاول مرة وتسريحات واجساد وكانني كنت في احدى قصص الف ليلة وليلة. كانت حادثة فرح سعيدة واول عرس شامي اشاهده ,. . ,