شاركت في مظاهرة طلابية في السنة الثالثة من المدرسة الثانوية . اذكر اننا اقتحمنا احد الباصات الخضراء الطويلة صعدنا من الباب الخلفي والامامي للباص ومنعنا الناس من النزول و عددنا كان اكثر من ستين طالبة , كنا طالبات فقط ضربنا الحماس واجبرنا السائق ان يوصلنا الى مديرية التربية ,اخذنا سائق الباص من مساكن برزة وقتها الى مديرية التربية التي كانت موجودة في اخر حي المهاجرين في دمشق , دخلنا المديرية لم نكن نصرخ لكن العدد كان كبيرا دب الرعب في قلوب الموظفين ,كانو ينظرون الينا بوجوه لا يمكن قراءتها وقتئذ ولكني الان اعرف تعابيرها , كانت تعبير سخط من تصرف صبياني ستكون عاقبته كبيرة ,لم يتحرك احد من خلف مكتبه , مدير المكتب اختفى ولم يخرج احد الينا مضت ساعة والبعض تعب من الوقوف فجلست بعض الفتيات على الارض ريثما يخرج احد ما يتحدث الينا , فخرج رجل مكفهر الوجه وبصوت صارم : هذه مظاهرة والمظاهرات ممنوعة في سوريا وستتحول هذه المسيرة الى مظاهرة سياسية , اصفرت وجوهنا وفي تلك اللحظة عرفت ان المظاهرات ممنوعة في سوريا ,ستذهبون الى بيوتكم وسنغلق هذين الصفين من المدرسة بلا بكالوريا بلا بطيخ . تحول الاصفرار في وجوهنا الى غضب وتصميم عندما قال سنسكر الشعبتين , لم نتحرك ,نريد الاستمرار بالحديث الى مدير التربية شخصيا هذه المرة ولكن مدير التربية لم يخرج ,وانتظرنا ساعة اخرى والكل عازم ومصمم على مقابلة المدير ,لتقديم مطالبنا, فنحن لا نريد شيء الا تغير انسة الرياضيات الظالمة الفاشلة . فخرج الينا رجل اخر صوته جهوري وتحدث بهدوء كان عريض المنكبين ملامحه ليست مرعبة وكان بارع بلعب دور الاب وقال انه نظرا لعدم معرفتنا بقانون المظاهرات وحرصا على مستقبلنا اقنع المدير انه لن يغلق الصفين اذا تعهدنا خطيا بعدم التظاهر , وسيحاول التحدث مع ادارة المدرسة لحل الموضوع . كلماته كانت مطمئنة وقبلنا بذلك وخرجنا من المديرية وتنفس الموظفون الصعداء, خرجنا منتصرين يومها لكن في طريق العودة بدات الافكار تدور بصوت عالي في رؤوسنا والاحاديث حول ما جرى في المديرية وكيف كنا نشجع بعض ونهنئ بعض اننا حقا نجحا في عمل شيء يهمنا جميعا وبنفس الوقت كانت ببنا اصوات نادمة وخائفة من االغد . وما سيحدث في المدرسة عندما تعرف المديرية غالبهم احساس باننا تامرنا على المدرسة, كان الخوف يتحدث لحظتها , ماذا سيقول اهلنا اذا وعلموا بهذا .انبنا البعض لاننا غامرنا بالمستقبل واننا كنا سنصبح مشاغبين سياسيين وسنصبح في خبر كان , .
اليوم التالي صباحا , كانت الوجوه مكفهرة في كل المدرسة , نحن صف البكالوريا لم نصعد الى صفوفنا اوقفونا في باحة المدرسة وخرجت الادارة وبعض الاساتذة وقراءة التعهد الذي جهزته لنا الادارة مصاحبا لتعنيف ادبي على ما اقترفناه من مشاغبة ادى لسمعة سيئة للمدرسة. بين الدموع والنحيب وقعت الفتيات وحلفوا ان لا يعودوا للتظاهر مرة اخرى ,بعض من الفتيات لم توقع تلك الورقة لاحساسهم بالاهانة والذل ورغم وعودنا للرجل في المديرية اننا سنوقع ذلك التعهد الخطي ,والتعنيف الادبي المصاحب كان مهين , كل ما فعلناه ان نقول ما عجزت الادارة عن سماعه سابقا . صعدت الصف ولم اقبل توقيع ذلك التعهد كنا قلائل ولكن لم نوقع , ولم يهمني اصرار الادارة ,ولايماني اني لم افعل شيء يستحق الندم عليه ,لم نوقع , في تلك الاوقات حدثت انقسامات في الصف الكل نظر الينا نحن الذين رفضنا التوقيع اننا نغامر بمستقبل الاخرين وانهم يمكن ان يتضرروا هم ايضا , تمت تعنيفنا الان من الطلاب انفسهم . خسرنا كثيرا من الاصدقاء وبقينا قلة في المدرسة من الموصومين باننا مشاغبين.
ماذا حدث بانسة الرياضيات؟ تركت المدرسة طبعا كانت لديها كرامة على الاقل عرفنا انها تركت العمل وتخلت عن طريقة العنف في التدريس ,وانتقلت الى مدرسة اخرى ,اما نحن بقينا بلا استاذ رياضيات شهرين متواصلين و وما ترتب على ذلك هو رسوب الطلاب في تلك السنة وكنت قد اضطررت الى اعادة البكالوريا مرة ثانية
الثورات الحالية في مصر وتونس ذكرتني بثورتنا نحن طلاب البكالوريا التي قمنا بها منذ اكثر من عشرين سنة . ,
Inga kommentarer:
Skicka en kommentar