جارتي المسكينة تحب الغناء جدا وصوتها ملائكي هذا في اعتقادها , من النادر سماعها تغني واغلب الاحيان اسمع صراخها الجارح وتعنيفها لاولادها واقول في نفس اي صوت ملائكي هذا ,لديها ثلاثة اطفال اكبرهم في السادسة من العمر واخر قادم على الطريق . هذه السنة الثانية لها في هذا البناء وانا انتظر بفارغ الصبر انتقالها الى مسكن اخر لاني تعبت من صوت غناءها المستمر ليلا نهارا في كورس مع اولادها , زوجها ولد وفي فمه ملعقة من ذهب وكان يعمل في تجارة الذهب لا يعرف كيف يهتم باسرته فهو لم يتحمل مسؤولية اسرة قط المهم ان ياتي بالمال والباقي يهتم به الاهل ,الزوجة, الجيران ,الاقارب تماما كما يحدث في بعض الدول العربية . الزوج لا يعرف من اللغة السويدية الا المرحبا ووداعا , زوجته تعرف اكثر بقليل نظرا لاوجودها قبله هنا ولكن الاثنان يحتاجان الى ترجمان لحل كل القضايا المتعلقة بالدوائر الرسمية ولزيارة الطبيب وحتى روضة الاطفال.
جارتي مسكينة ,بسيطة جدا ولديها تحصيل ابتدائي من بلدها فقط فهي لاتحب الدراسة او القراءة ليس لديها طموح الا الغناء , فهي بارعة بالغناء والكل يحلف بصوتها الرائع الذي لم تستسيغه اذني ابدا ولكن طموحا بقي حلم العمر بالنسبة لها ,جميل ان يملك المرء ثقة بالنفس وهي كذلك واثقة من نفسها ولكن العادات والتقاليد حرمتها من ان تعمل مغنية لاعتقاد اهلها وزوجها انها مهنة غير شريفة . احيانا اتنمى من كل قلبي لو كانت مغنية لكان حالها افضل ولكان لديها من يهتم باولادها غيرها
اذكر عندما انتقلت الى هذا المنزل كانت بصحبة اثنين من اولادها اما الطفل الثالث والاصغر بقي مع والده في بلد اخر ريثما توافق السويد على قدومه واخذ الموضوع اكثر من سنة , لم تكن تملك شيئا من الاثاث سوى وسائد وفراش واغطية وبعض ادوات المطبخ , اذكر كيف انشرح صدرها لاني خاطبتها بالعربية ,فاطمئنت هي وحلت علي اللعنة بنفس الوقت .
كانت حريصة في البداية على اظهار شخصيتها , سمعت منها الكثير عن نفسها وعن انتظارها لزوجها وطفلها الصغير , كانت تنوح لوحدها وتغني بلهجة عامية لم افهمها بدقة تبكي من الشوق لطفلها , اشفقت عليها كثيرا و قدمت لها بعض الاثاث واغراض للمطبخ واغلب العاب ابني المحتفظة بها لاولادها و فلم تكتفي فصارت تسال اذا ما كنت احتاج الى هذا الشيء او ذاك فلم ابخل عليها لعلمي انها بحاجة الى تلك الاشياء التي تقبع في مستودعي , صار اقاربها يعرفوني ويتمنون ان يكوني جيراني لكرمي فصارت عباراتها اكثر شكوى واكثر طلبا ومازال مستودعي يذداد اتساعا يوما بعد يوم ,مازلت اراعي حالتها في بلاد الغربة هذه
اللغة اهم شيء للمهاجر او للاجيء ,تحتاج الى اللغة قبل الطعام او اي شيء اخر , استطاعت البلدية ارسالها الى مدرسة لتعلم اللغة كما وضعت اولادها في روضة لرعاية الاطفال , كانت البلدية تدفع لها مصاريف الاطفال ومصاريف مدرستها وراتب شهري لها , بلا فائدة , لم تتعلم شيء ,ربما لان زملائها يتحدثون العربية فلم تجهد نفسها لتعلم شيء . وربما لاني اترجم لها كل شيء فلا تحتاج الى تعلم اللغة , ملات استمارات كثيرة لها ولاولادها, قرات ملفها عند دائرة الهجرة وملفها الصحي .اعرف كل صغيرة وكبيرة عن حياتها , تعلمت شيئا من صبري , وقدرتي وحدودي في المساعدة , ومازلت اتعلم ,
اولادها عالم بحد ذاته لم يمر على تاريخ المنطقة اطفال لايفقهون من الحدود شيء وارى ان الصغير دو الاريع سنوات هو من يسيطر على المنزل , , الاطفال يعانون من مشاكل عميقة في التربية بحيث جيل من الاخصائيين التربويين سيعلنون فشلهم في معالجة حالتهم , اذكر كيف صعد الاطفال على سقف السيارات الموقوفة امام الباب يخبطون وكيف اجتمع الجيران عليهم وهي لاتفقه شيئا من حديثهم , تفشل في ضبطهم في الشارع , كم من المرات اراها راكضة تولول اضاعت احد الاولاد وتجعلنا نركض معها ,قصص الاولاد كثيرة ولا تنتهي , زوابع صغيرة تتحرك في الحديقة امام المنزل , الاطفال يحتاجون الى مكان للعب وقليل من الاهتمام وكثيرا من الحب وحدود وهي لدبها طريقتها في الاهتمام والحب اما الحدود فهي لاتوجد لذلك تعاني بشدة وتعوذ السبب الى ان الاطفال كالشياطين ولدوا هكذا
مضت الشهور وحضر الاب والابن الاصغر ذو العامين, لم يمضي شهر على قدومه واذا بعناصر من الشرطة مؤلفة من ستة اشخاص يهرولون على درجات السلم ويقتحمون بيت جارتي ….
يتبع
Inga kommentarer:
Skicka en kommentar