torsdag 28 oktober 2010

رائحة الكستناء


الخريف و ورقه الاصفر وتلك البرودة اللزجة والمصحوبة بلفحات من برودة الشمال, احس بمحاولتها التغلغل في جسدي ولكن حرارة قلبي وزكرياتي تقاومها نوعا ما ولكن اطرافي بدات تتاثر شيء فشيئا , تلك البرودة تذكرني ببرودة كنت قد احسست بها في بيت من تاريخ بعيد يذكره جسدي الصغير وتلك البرودة الواخزة في بيت في الجبل , منزل ذو سقف عالي وارض مزينة ببلاط ابيض واسود على غرار القصور الفرنسية اذكر تلك الارض الباردة جدا والتي كنا نستلقي عليها في حر الصيف فتشعرنا ببرودة رائعة , كم من المرات لعبنا لعبة الحجر الذي نحركه بقدمنا وننقله من بلاطة الى اخرى وعلى قدم واحدة , كما اذكر اروع الاوقات عندما كنا ننظف الارضية البيضاء ,تلك الاوقات كان وقت اللعب وامي تعطينا بعض مواد التنظيف ونحن نجلس على ركبنا ونحاول تنظيف السجاد والحصر , تتركنا نركض في ذلك الدهليز الطويل ونتزحلق بمساعدة مواد التنظيف كان ذلك بمثابة التزحلق على الجليد . تنظيف تلك الاشياء ياخذ وقتا طويلا وهي تعرف مدى استمتاعنا فتتركنا نلهو لعدة ساعات وننظف بنفس الوقت كان ذلك من اوقات اللعب في البيت ايام الصيف ولكن في الشتاء كنا كالقطط التي ترتعد لملامستها الماء, نمشي واكتافنا مشدودة مرفوعة نحاول ان تختزن اي حرارة في الجسد .
بيتي في الطفولة كان باردا ومن الصعب تدفاْته لعلو السقف وطبيعته الحجرية وارضية من البلاط المسقول . اسرتي كانت من تلك الاسر التي نزحت الى دمشق بعد الحرب وابي المسكين كان لديه 8 افواه لاطعامهم فلم يكن بالامكان ان يكون لدينا سوى مدفاْة واحدة مازلت اذكرها جدا , كبيرة مربعة الشكل لديها باب صغير كفرن صغير فوق المدفاْة تضع امي ابريق كبير مليء بالماء فوق احدى الفتحات وكانها تحاول حبس الهبة النار من الخروج والعبث بنا , كان هذا الابريق يستعمل لكثير من الاشياء مثل صنع الشاي, غسيل الصحون وللتغسل عند الحاجة .المدفاة مذودة بانابيب اسطوانية الشكل (بواري ) موصولة ببعضها البعض كثعبان طويل ييمتد من منتصف الغرفة ويصل الى تلك الفتحة الموجودة في احدى زوايا السقف لجعل الدخان المنبعث من المدفاْة يخرج من المنزل. تلك الانابيب كانت مزينة بشرائط من القماش المغموس بالكلس حتى يمنع تسرب الدخان من تلك الشقوق التي حدثت بفعل الزمن , على مستوى ليس بالمرتفع جدا يلتف حول تلك الانابيب العريضة اسلاك معدنية يمكن رفعهابطريقة ما لتعليق الثياب المبللة عليها , تلك الجلسات الحميمة حول المدفاْة والكستناء المشوية وبعض السندويشات المحمصة,الاقدام الصغيرة التي تجتمع حولها والجميع يحاول ايجاد مكان لاصابعه الباردة ..
اذكر تلك اليالي عندما كانت الكهرباء تنقطع ونشعل ضوء القنديل الصغير(الوزدغة) العتمة والبؤس وكاننا من احدى كتب تشارلز ديكنزالبائسة ولكن لم يكن بؤس بالنسبة لنا نحن الاطفال كان وقت الحكايات وامي تاتي بقصص رائعة عن المشعوذون والسحرة , ضحكات بريئة بين الحين والحين , يغالبنا النعاس اما من الدفئ اللذيذ او من رائحة القنديل ودخانه السئ , تلك الايام السعيدة رغم الفقر والبرد كنت احبها وما زلت احبها رغم انفجار المدفاْة بين الحين والاخر وذلك الغبار الاسود الذي يغطي كل شيء في الغرفة ورغم معرفتنا بما يترتب عليه من تنظيف شامل للغرفة كنت احب الجلسات حول المدفاْة وصوت بخار الماء المنبعث من الابريق وتلك الشعلات من النار كخصلات شعر ساحرة شمطاء تلتوي من غضيها و التي كنا نحدق بها احيانا لساعات .
اطرافي التي بدات اشعر ببرودتها الان اشعلت نار مدفاة وجلست زكرياتي من حولي تمد اصابعها لتدفاْ قليلا .وتشتم رائحة الكستناء والخبز المحمص وشندويشة زيت وزعتر ساخنة على الصوبيا .
Inlagt i Diverse, inga kommentarer »

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar